الطين




يتفلت الوقت منك، ولا تغتم. تردد: الله محبة*، وتنفرط سلسلة الشباب المحموم: الخير محبة.
والعمر يسبق الفاصلة المنقوطة لانبلاج الضوء. والأيام الخمسة التي تتهاوى كأحجار (الديمنو): النور محبة*. وتؤمن بأن الهاتف الذي يأتيك كل ليلة لا يعدو أن يكون شبحك الذي دفعته مرغماً كي تجنّبه الأذى.
ويستصرخك: أمي، أمي، تهز رأسك ويسقط الصوت على صخر، تشير بيديك: لو كان أبي لأصبح النحيب قصيدتي.
تخطفك أنشوطة ذاكرة الحنين وتاريخ الموتى، لا عزاء للأحياء، وكأن الحبل السري ينقطع بالوجود، ويتخلق بالعدم.
ساءلتك أأنت حي؟
من الغياب أجبت: لا .. أدري!
أتدري أنك وحدك، والغياب، وأربعٌ: موعدكم الطين وراء الوراء.!

الحب



الحب الرأس مالي يشبه أن تقول - هي - لك:
- أسرقُني من انشغالاتي كي أكون معك.

ماذا يعني ذلك؟ لا شيء سوى أنكِ تقاربين بينه وبين الجنون، بل بينه وبين الموت. كان يجب أن يتم تشميع قلوب الفقراء حتى لا تبتلعهم هوة أمنياتهم، وكي لا يرتكبوا جرائمهم المنسية في لاوعيهم، كي لا يبذروا العمر في انتظار ما لن يأتي.

تنبيه:
إن كنتَ فقيراً فاحذر أن يخطف قلبك

حقيقة العالم




تحبطك بشاعة هذا العالم، نفاق الآخرين، والوفاء الذي يتسرب من بين أصابعهم.
أما أنا يحبطني عدم قدرتي على ارتداء الحذاء، لأن الجرح الذي في قدمي جعلها تعادي كل الأشياء
بما فيهم الأحذية، خشية أن ينز الجرح، ويتوجع رأسي.
لم يعد يعنيني شأن هذا العالم المجنون،
لدرجة أني ركلت عادة التسكع خلف ظهره،
ولا أغادر إلا مرغماً لأقوم بواجبات اعتيادية مفروضة مسبقاً.
القلوب الحية تحركها النسمات، وأما قلبي أعطب صنبوره منذ سنوات خلت،
بدليل أنك عندما أخبرتني عن موت فلان، تمتمت بالعزاء وكأن الموت مشوار ( للبقالة ) يقطعه أحدهم.
تلومني كوني لا أتعظ. هل إذا اتعظت سأغدو كائناً خالداً؟ وماذا سيجلب لي ذلك؟!
أنا سعيد بخياراتي المحدودة والقصيرة المدى، لا يشغلني التفكير بما سيحدث مستقبلاً.
ويبدو أنك لم تصدقني عندما أخبرتك بأني أسلمت أمري للريح تحملني حيثما تشاء.

نفكر بنا أولاً


لأني لن استطيغ تغيير الكون، وليس أكبر همي حدوث ذلك.
على العالم العمل على تغيير نفسه، وأنا وأنت جزء منه.
إن رأينا أن التغيير يصب في مصلحتنا، فلم لا نعمل عليه
بدون أن نترك الذاكرة والماضي يتحكمان في المسار؟

أحيانا لتغير عليك أن تهدم / تقوّض البناء.


العالم ليس أنا وأنت فقط، ومع ذلك علينا أن نفكر بنا أولاً

حلم




نعلم أن بعض الأحلام لن يتحقق؛ ومع ذلك ما نزال في حالة اجترار حلم !
قد يقول أحدهم: لو كففنا الحلم متنا.!
قل لي بربك: وهل أنت حي؟

قناع الأمكنة



بعض الأمكنة تجبرك على ارتداء قناع لا تحبه، ولكنك تفعل ذلك بغية التخلص من الجمود، وحتى لا تتأسى لصمتك الذي يورثك قدراً كبيراً من الكآبة المفرطة.

فيما لو كنت غير قادرٍ على البوح بأشيائك الصغيرة والكبيرة لأن الحقيقة مؤذية لك، قبل أن تؤذي الآخرين ..
هل كنت ستستعيض بقناع يقيك بعض الذى قد يجعلك تفكر ألف ألف مرة قبل أن تنفرج شفتاك؟

ربما.!

أسئلة



نطرح أسئلة لا نبحث عن إجاباتها
كمن يتلذذ بإثارة زوبعة فنجان فاح ( تِنِّينُه )
أو كأسماء نحبها ونشاكس حمرة شفتيها
يا ترى لماذا الصوت الأول يسرق زكاتنا
في اللحظة التي نغطّس فيها صوت المنطق في البئر العقيم؟

!

الأكثر سخافة

الرجل الأكثر سخافة .. يرتاد الحانات التي تسكن الزوايا المنسية: هناك في منتهى الضيق
الرجل الصمت .. يبدأ بعد التنهيدة الرابعة وقبل النوم؛ يعرف سوءته ويمهر الظل بابتسامة لا مبالية
الرجل الاحتمالات .. يجُزُّ عقله محراث التفاصيل، يسرق العشب، ولا يكترث لنقرة الخصام

تعريف



الخوف ألّا أخاف، فتصفعني الحقيقة، وتتكسر المرايا !

أقطعها كل يوم



بعد أن ابتلعته المفازة
دلّنا على طريقه الأثر
على الجدار كان إمضاؤه ..
أنا يا سيدي رجلُ يعتاش على الأحلام
والخسارات تشبه أرصفة أقطعها كل يوم

وأخبرتك



بستانك الذي أنكرني .. ذبلت ثماره
وأخبرتك أننا متنا حين نام الشوق وأحيتنا الظنون
وأننا رجع صدى العذريين،
أقمنا على البعد مسيرة أمنية وعلى إيقاع خِدر
نشري المكاتيب ونبتاع الكدر بأنفَس الأثمان.
ولو أننا كنا وكنا وكنا،
لما أفلتنا عقال الظل واحتمينا بالزوايا.!

مبرر


كانت تأكل بثدييها حينما تجوع، تعلل ذلك:
طاحونة الذل لن ترحمني، وأوقن بأن الثدي الذي أطعمني لن يغمّس في النار؛ الأطفال الذي سترت عليهم حجزوا لي قصراً في الجنة، والسيدات اللواتي آويت ضعفهن دثروني بدعوات خالصة أرسلها إيمانهم الفطري. عندما كنتَ تسخر بقولك: إن المال الحرام لن تطهره كل أفعال الخير التي قدمتها بقلب طاهر ونوايا حسنة؛ حينها عقدتُ مقارنة بين ما فعله ثديايَ، وذلك الذي قتل تسعاً وتسعين نفساً، وتساءلت: أيهما أعظم جرماً؟ خاصة وأنني قدمت من القرابين ما لا يقوى على حمله سوى الصادقون والنبلاء من البشر ، دون أن أنتظر جزاءاً من أولئك الذي أنهكتهم المِحَن، وكنتُ قارب النجاة الوحيد لهم. وإذا كانت المساواة في العقاب عدل؛ فلماذاً يجيئ كَيلي مضاعفاً، مع أن الشيطان الذي كان يكمن في تفاصيل* الأمس، لم يكن يصبو لأبعد من مرافقتي أثناء عبوري لخط المشاة. وأن المصير في القضايا الأخلاقية يتساوى مع فكرة أن أكون أو لا أكون، أن أتحول لأنثى بثدي ضامر مركونة في زاوية خشبية، أو أصبح ما أنا عليه تحت الضوء. وما بين أنثى النار وامرأة الحفر المهملة، يصبح الثدي سيد القرارات الحاسمة.

يا خدينة الريح



الماء يا خدينة الريح بدّد يُتم الجزيرة الصماء
أسكَن المَدُّ ارتجافاتها العشر
كشف الجزر عن ساقيها وعلّمها الشغب

آخر القصائد



يا آخر القصائد الممسوقة
فمي ترنيمة ، وهن أغنيات،
وأنا الذي صغتُ للسنديان أشهى لحن

إنا بخير وإن نأينا



كم صورة أحتاج لأن أرسم قبل أن تقفر ذاكرتي، ويشيخ القلب؟
وماذا لو قطّعني الطريق على شفا حلم؟
أنتِ الياسمينة، قلتِ:
اقتل من شئت وما شئت.

غطّستُ رأسي في الوحل عند أول منعطف
حجبتُ الشمس، وشرّدتُ غيمة

ولو سجنتُ عطركِ .. ما كفى.
ولو أني بكّرتُ في المسير .. ما وصلتكِ

حبستُ أنفاسي، ورعيت عزلتي بكفَّي عَزول
سممتُ المسافة - كما عودتك - حتى ينام شوقنا المفضوح
قولي:
إنا بخيرٍ وإن نأينا