لم يمكن الجفاف الذي استعمر الجوع،
والذي أخرج لسان الأرض الأبيض المتشقق: محض عقوبة؛
بل لأننا نتقن المناحة جيداً، وكالمال الحرام نبذِّر المديح للسِّخام




أيها الماضي ابتعد؛
لو شجَّ الشارعُ قلبَ ذاكرتي
وأدمى الحنين ذراع الصبر
وثمَّ تفتَّقَتِ الحواس وانهزم الكلام
وغصَّ بعضي الأسمى ..
أكنتَ تعتذر للمسكونَ بالخوف؟




هذه الحياة تدربنا على الموت ..
القيظ
الإنتظار
الأمل الذي يشبه سحابة صيف عابرة
الأشياء الصغيرة التي تتعطل الحياة بدونها
نتمسك بكل ذلك ونذهب إلى الموت حفاة
متخففين من كل الأوهام الثقيلة




الكتابة التي كانت حلماً، أو الفعل الذي ندّعي بأنه يقاوم الموت، أصبحت عبئاً، لا وزن لها.
فلا يجب أن نتمسك بما نوقِن بموته.




أخاف حمى النسيان التي تلبستني منذ عِقد أو أقل؛
ولكي أقاوم بعض فداحته ..
أصبحت أتتبع آثارهم المهملة عنوةَ





إذا كان ذنبك ورثته من أبٍ قديم حمَّلك الأسفار ونام؛ فأنتَ مدرسةٌ بين فصلين دراسيين




حينما مَرَدوا على الحزن، سرق الماضي ذاكرتهم



أريد، ولا أستطيع، لولا أن زمّني الشوق، فاستدبرت صاغرا



كمَّمَ ضِرع الساقية،
كفَّ يدَ النسيان.
استقبلته قيامته حين رعى شجرة الخوف
ونام.!




قال: غداً.
تناسى بأن الغد مسخ أيامٍ اعتادت التسويف




ما بين سماوات العتاة، وأخاديد البؤساء، أحفاد الجوع:
مسافة رحمة حبسها الغرور وذكّاها التجاهل.
قبل اليوم لم أكن أؤمن بأن بعض القلوب أضيق من خُرجِ عابر،
وأزهد من زاد مغترب يتقشف قبل أن يتمدد فوق رصيف مأهول بأشباهه.
إن كنت إنساناً حقيقياً: فتّش عنهم،
الفُتات يقيهم الموت المعجّل، ويزيد من سعَتك




كانت عزلته العالم الأوسع ،يعبُّ منه. وكلما تكاثرت أشياؤه، أمعن في حراسة وحدته.
كانت الشياه، وكان الراعي.
عندما غادرها طوعاً، أدرك فداحة الغيبوبة التي اختارها بمحض إرادته.
أدرك - متاخراً - أن جنتة الموعودة، تتحين التفاتةً منه خارج أسوار العتمة.
أسرج خيلَه، وأرخى الوِثاق، أعدم الخمس، وامتطى أول السادسة




لبعض صداقتهم وباء، كمن يشتري شقاءه بحُرِّ ماله



لا تنتظروا مني شيئاً، فأنا لم أعد أثق بوفائي للأشياء
استودعتُ الماضي نهر البكاء ونسيت أين خبأه
أنا السرور المقيم وإن أظهرت النقيض
وبُعداً للبؤساء




شرب البحر كي ينسى، فكان نصيبه اشتعال ذاكرته.
داهمته موجة بكاء ، استسلم، وألوى على ندمٍ؛ فاكتوى




تباً للحنين ..
صلب بعضه أمام عينيه،
بعد أن استلَّه من الماضي




تراجع تعاملاتك وسلوكك وتُغيِّر ما يلزم.
تبدأ حياةً جديدة - كما تعتقد -.
تنشي علاقة مع مكان تجهل معالمه.
تتخلص من حميميتك القديمة، وتشرع في بناء أخرى على التضاد منها.
تثرثر طويلاً، وتضحك كثيراً لأسباب تافهة.
تنساق خلف ذرائع الحال الفَتِيِّ الذي اخترته طواعية.
تكتشف بأن كل ما فعلته لا يعدو أن يكون قناعاً هشاً,
وأن الشيء الثابت داخلك لم يتغير،
فأنتَ أنت ..
تَكثَّف ضبابُك واتسع مدى حيرتك





عندما أردت تقليص مسئولياتك في الحياة، تضخمت أعباؤك النفسية، وجفَّت ورود عمرك القصير



في الزمانات الماضية كنا ننتظر، وضوء الأمل يسقي عروق الحياة في ملامحنا.
الآن لا شيء كالإنتظار يذبلنا، إنه قصيدة الموت التي تدق أجراس قافيتها





عندما عشنا لأجل أنفسنا، فقد الآخرون نضارتهم.
وحين أنفقنا العمر لأجلهم، عشنا مرتين، ولكن بلا ذاكرة تخصنا





نسيتَ كيف نعيش، وغزتك جيوش النمل؛
فقد كنت تبدد العمر في تفتيت الأحلام كِسرةً بعد كِسرة




لا تسرق من رغيفي.
قل لي، وسأهبه لك بأكمله




يا أيها الصبح ..
إن كنت ستتنفس سَموماً؛
أرجوك تأخر




زرعتك أمنيةٌ بلا حصاد؛ كي لا أقعى وحيداً وقد اضمحلت أمنياتي معكِ



نريد أن نحيا في سلام، هل طلبنا المستحيل؟
دفعه بشدة وصرخ به محذراً: إن أردتم ذلك، فابحثوا عن كوكب آخر،
أو اقبلوا بهدنةٍ بين حربين.
وإن لم يرق لكم الخياران: فاطلبوا موتاً معجلاً





أنا بخير، كما أقولها لك دائما.
أنا وأنت ندرك مقاس أوهامنا التي جعلتنا نؤمن بأن الحياة القصيرة، في حاجة إلى بالٍ طويل، ربما إلى سيجارة، أو كأس، أو أناس تافهين - في نظر الأشباه - نضحك معهم ملء قلوبنا.
أنا وأنت نعلم بأن الطريق الطويل الذي خلّفناه وراءنا لا بد من ردمه كي يتسنى لنا تسيير ذواتنا كما تتشهى الحياة القصيرة وبالكيفية التي نستطيع معها حماية قشرة أرواحنا الهشة




الليل يعرف متى يسدل ستائره وعلى من.
في بلد الخيالات كل الطرق مباحة للعابرين حالما يدركهم اليأس.
قلت مرة: الصمت اثنين: مقعدٌ ونافذة.
المقعد يلمظ العرق والنافذة تشيخ




يسأل عن صمته ..
كيف ثنى ركابه واحتمى بالجدار
عن حروف كتب قرأها ..
متى فاغلته وهربت بين غفوتين
يسأل عن ذاكرته ..
من علمها النشوز فخلعت طاعتها
وعن قارورة يبّسها الرفق ..
أنجبت له النمرود ودربته على العقوق
يسأل عن الحياة ..
بسيطة - أنتِ - حد الأذى
وحد إغلاق الدفاتر كلها



في مدن الموت البطيء:
إما أن تكون عابثاً لا تكترث لأي شي، وتبدد وقتك في التفاهات،
أو ملتزما بسراطك المستقيم ترجو الحُسنى.




أخاف حمى النسيان التي تلبستني منذ عِقد أو أقل.
ولكي أقاوم بعض فداحته ..
أصبحت أتتبع آثارهم المهملة عنوةَ




الظلام يعرف سوءته ..
السير بتؤدة،
تحسس الأشياء المحهولة.
والأمل المنسي يمد شفتيه بتململ.

الظلام ..
إدراك معنى الخوف
معنى أن تتضاءل ويقشعر صمتك.

الظلام ..
أنتَ بلا مجدافٍ،
تغافِل بوسك،
تبتللعك اللُّجة




هكذا يفعل الليل عندما نعقٌّه،
يمارس عاداته السيئة ..
كأن يسكب الكآبة كؤوساً مرخَّصة
أو يفتح نافذة الأوهام
كأن يحفر أخدودا للغيم
يقض مضاجع الوساوس
يبعثر ما تناثر من أحلام



من سيخبرك عن الوردة شممتها، ورعيت الظل
عن طائرك المغرِّد تلقفه قفصٌ آجرِّي
عن الماء البارد قبل بلوغ الشمس
عن الصوت وفتاة السطح الأملس
عن رجل تمنطق بحزام الأمل
عن تغريدة اثنين في زقاق عتيق
عن كفٍّ ضحوك يصافحه الخِلَّان
عنك قبل المشيب وعبث العِقدين
عنهم حين كشفوا الستر واحتضنوا الحنين
عن جلجلة الأشياء وصداح الخير
من ينبت جلدك المفارق
فيهزم الرحيل

؟



لو أن لا موت بعد حياة
أكان سيتمطى عنق الزجاجة؟
أكانت الأرض تحبل مجدداً
أكنتَ تدمي الورقة قبل أن يتثاءب الحبر؟




جاء يحبو بعد المشيب
فمن سيفطم الصمت قبل أن تترمد الأسئلة





الرجل العجوز أدار للسطح ظهره
وشذّب أغصان عزلته بعد أن كدسها في صناديق ذاكرته
وأوى إلى أرضٍ منبسطة تبعد عن السطح حاراتٍ عديدة
فارق البرج وغاص بين جموعٍ من البسطاء
وأصبح يشعر بأن الحياة ليست: كتابة، موسيقى، وبلا شك ليست تلك العزلة؛
إنها - هناك - بين تلك السحنات المرهقة والابتسامات الحقيقية
تلك الحياة المتناهية في بساطتها، بين الأزقة والأتربة وصراخ المارة وشغب الأطفال.
العجوز الشاب: عاد خمسين عاماً دون أن يؤز ذاته ويستجدي الحنين




أكُلُّ السِّتر حسَنٌ؟
لا أعتقد بذلك.
بعض الستر قهْرٌ,
وأحسن منه جهرٌ غير مؤذٍ




حد البكاء، حد التعتعة، حد اللامبالاة بما عداكِ
إلى الحد الذي يجعلني أكفر بكل المسلّمات التي اعتنقتها قبلكِ
حد إيماني بأني لم أكن شيئاً مذكورا بدونك، وإن هتفوا بـ: كنتَ وما تزل
حد الغياب الذي محى الكون بكل ياقوته، وأنشأك منارة دثَرَت كل أدياني التي تشكلت في جوف عِرقي: أحبك.




التكرار فعل تجديدٍ فاشل،
يبدو بأنه النافذة اليتيمة التي استطاع التنفس من خلالها





يريدونك نسخةً منهم، ولو فعلت لأصبحت شيئاً صغيراً على طاولة منسية.
ولو ظللت أنت أنت؛ حكّموا فيك عاداتهم التي اجترَّها لا وعيهم
كن كما تشاء إن استطت أن تسخر، وإن أغدق عليك الصبر من معينه




كان يتمطى بين فيءٍ وسحَر، الآن يشكو من ضيق الوقت
ماذا لو كان يتنفس غباراً، والوسادة جدار؟




لو كنتَ كوناً عامراً، ما استعمرتك
فلا تتفتق عن جِنان




الحياة التي أفقنا معها على الوجود
ذاتها الحياة التي نختلف في توصيفها
الحياة جميلة
الحياة مملة
الحياة تعب
الحياة عادي
الحياة مدري
الحياة قاسية
الحياة . . .
صدقني الحياة: أنتَ كيفما يحط نظرك
عميقاً جُسْتَ أو ظاهراً حسَسْت
هذه المحطة لك، اعبرها كما تريد
ودع لي صندوقي لا تقلّب أشياءه





من علّم صوتك تمزيل الحزن وهدهدة الروح
من علّم صوتك حين يغيب بأن البكاء موشَّحُ أعراسٍ ملكية





أنت مخلصٌ لخياراتك؛
إذن أنت تأتي على الاحتمالات،
تقضي على شجرة الزيتون




رأسي ممتلئ بالفراغات، بالثقوب اللعينة
باللاشيء
يريد ولا يريد
ويستزيد
رأسي الذي ذوّبه القيظ: ردمه المُدام
رأسي تفتته الظنون، وارتياب المسافة،
وانتظار أفول العام




يا صُبح: تنحى قليلاً أو تأخر؛
إن استراح السَحر أتعبه الرحيل،
ولا أريد لوجهي - في الصيف - أن يتقشر





تساءل متعجباً: أمتعبٌ أنت؟!
أنا أقصاني الأرق، وذوّبني الأسى



إن جعت لا تسرق؛
الجائع لا يقوى على الحراك
إقطع ساقك والتهمها
إقطع يدك التي لو مددتها لعادت إليك كسيرة يملؤها الجفاف
لو سرقت: سأقطّعك من خِلاف
ويلعنك القاصي قبل الداني
وأجعلك أمثولة
وأنكّل بك
إن جعت: إصبر
في الجنة فاكهة مما تتخير
ومن الطير ما تتشهى




أيها العالم: كفِّر عن ذنوبك وانظر إليَّ ملياً واكتبني من الصابرين




في الليل الذي فتح التوابيت ونشر الدود
كان النسيان صوتاً خافتاً مزّقته الأفكار المشبوهة




يسوقني إلى الجحيم
يبتاع لي (كبسولة) قلق
يدير لي ظهر المِجَن
ويًقسم: أحبك
!





أغيب كي يتفتت الوجود
كي أساقط التعب من ذاكرتهم




عرفتكِ في عصر الزهور
ذبُل الحقل
وبقيتِ ياسمينةً للعمر القادم




يؤلمني ألَّا أجيد ما اعتقدت استفرادي به،
هم يكتبون كي يتنفسوا،
أنا أكتب لأن لا شيء آخر أجيده




حينما نسيت النفخ في صدرك
نفضتِ كفَّيكِ
فاحتضرت




سئمتَ الثمانين يا زهير وناديت: هلم إليَّ يا موت
أما أنا عندما سئمتُ مني، صرخت بالموت: ابتعد





لا تنظر إلى راسي؛
أدركتُ كم هو فارغ




عندما كبر العالم
جفف أشياءه
سجن الرغبة
صعد سمواته وحيداً
وأسرف في الصمت

مفاجأه




حين قبضت على الريح، كي لا يميل رأسي؛
استيقظت على خُشبٍ مسنّدة

وهــم




يقولون بأن الدنيا بساط أخضر
وبأنهم سعداء على قدر ما تجود لهم به الحياة وأكثر
وأن القدر يخبئ لهم - في الأزقة - ثمار ما بذروه بالأمس.

هم ليسوا كذلك؛
هم - فقط - يتجنبون الموت مرتين

احتياج





أحتاج إلى إلهام ولغة لأحرك عرائس الحياة

السوء



بعض السوء يورِثك اعتدال قامة
ينبت من الدمع زنابق
يربي أحفاد الكرامة
بعض السوء بكاء لحظة
ومَعين اكتفاء

لماذا تصمتون؟




نصمت لأننا نخاف
ولأن قلوب الآخرين صمّاء.
ولأننا فرادى
قلوبنا فرادى
أدمعنا جمعاء

نــداء ..........



أيها الماضي ابتعد؛
لو شجَّ الشارعُ قلبَ ذاكرتي
وأدمى الحنين ذراع الصبر
وثمَّ تفتَّقَتِ الحواس وانهزم الكلام
وغصَّ بعضي الأسمى ..
أكنتَ تعتذر للمسكونَ بالخوف
وتكف عن إيذاء صغار قلبه ؟