أعلم بأني لن أصل إليكِ؛ لذا أعمل عليَّ أن أدرّب نفسي على البؤس قبل أن يداهمني



إن هذا العالم السيء في داخله أشياء فاتنة تنسيك كل ما قد تحمله في داخلك من صور مشوهة عنه، فانظر إليها واهتم بها جيداً



الأشياء الجميلة عندما تغيب أو ترحل أو لا نستطيع الوصول إليها، تخلّفنا بؤساء وجداً


الذين لا يمتلكون غير أحلامهم، لا يستطيعون أن يكونوا واقعيين.
والأشياء الغير منطقية تصبح هي الأشياء أكثر حظوة وأقرب لأرواحهم

عندما كاد أن يخبو فتيل ضوئه، كتبت إليه:
إن لم تأتِ وأن من يهفّه الشوق كي يجيئ، فلا تأتِ من أجلي: لا أريدك
أنتَ لست سعيد، وإن كنت كذلك، أخبرني:هل جربت أن تتعب لأجل غيرك؟
هل فكرت بحراثة الحقل ليأكل غيرك؟
هل جربت إماطة الأذى عن الطريق ليتسنى لغيرك السير؟
هل
فعلت فأنت الأكثر سعادة
هل جربت يوماً أن تكون ملاكاً، أو نبعاً طاهراً، أو حتى شجرةً عظيمة؟
هناك لحظات تحتاج فيها إلى أن تخلو ونفسَك
تتأمل فتصعد وتغيب، تتحول إلى سفينة تداعبها النسمات
تجوب بين حقول ذاكرتك، تقطف الياسمين، ومن شبابيكها يلاطفك ماء الزهر
في تلك اللحظات تحنو عليك الأشواك، فتخاف حتى من إيقاع الأذى على نفسك
تملأ رئيتك بالحب، تحب كل شيء، حتى الأشياء التي أحدثت فيك شرخاً لن يندمل
هل نعيش كذبة كبيرة اسمها(الأنا)
؟أنا الكبير
أنا العارف
أنا الأفضل
مع أننا لا شيء إذا ما واجهتنا الحقيقة بوجهها السافر وتمكنا من الرؤية بتجرد تام
إذا فكرنا بأن هذا الإنسان الذي يستطيع ارتكاب أفظع الجرائم وأسوها ليس إلا شيئاً صغيراً يعتريه المرض والجنون وينتهي بغتة أو بسبب ما يجعله يخرج التقويم، فلماذا يسارونا الغضب الشديد ونسعى للانتقام من شيء صغير وتافه

هذا الكلام لا يشمل الطغاة وأبناء الشيطان والذين يعبثون بمصائر الناس، لأن هؤلاء التجاوز عنهم يعتبر جريمة في حق الإنسانية، أما غيرهم اؤلئك الذين نعتقد بأنهم أساءوا إلينا بكلمة، فعلينا أن نضعهم حيثما ما هم حقيقةً، حتى لا يعتقد آخرون بأننا أشياء صغيرة وتافهة مثلهم

نص خفيف وسريع بخصوص حادثي جدة وحائل

أمنيات رغد ورجاءالجنة تحتفي بالأمنيات، ولكن كيف نصلها؟في هذا العالم إما تختق بأمنية أو يأتي عليها حادث مروّع، وأضعف الإيمانأن تغرق.... - ليس هذا موضوعنا فقط اجب عن اسئلتي ومن ثم ..قاطعه: لن تفهم يا دكتور، لا لا لا، انتظر انتظر لو سمحت، كم راتبك؟ هل هل هل تسكن بالإيجارلا يبدو عليكَ ذلك.- أنا من يسأل، وأرجو ألا تقاطعني، أخبرني بماذا تشعر عندما تعتدي على أحدهم؟ملفك يقول بأنك قمت بالاعتداء على شرطي، وبعدها بيوم اعتديت على موظف دولةوأنك قمت بأفعال خادشة للحياء في مكان عام، وأخذت تتفوه بأقذع الشتايم، وتؤذي المارة والعابرين- هل تؤمن بالقضاء والقدر يا دكتور؟ أنا لم أعد اؤمن، لأني افترض بأنهما أصبحا مرادفا للجريمة؟فليس من العدل الإلهي أن تختنق زوجتي في مدرسة ويخطف حادث حافلة ابنتي،ولا يمكن لي أن افسّر ذلك بأنه قضاء وقدر وأدّعي بأن إيماني بذلك سيجلب لي السعادة.في فترة وجيزة كنت أقرأ أخباراً عن استقالات مسئولين في عدة دول مع أنهم ليسوا طرفاً لافي زلزال أو تردي وضع اقتصادي ولا حتى في وقوع جريمة ما، فقط لأنهم مسئولون عن أجهزة لها علاقةمباشرة أو غير مباشرة بتلك الحوادث. وكنت أقول لزوجتي كم هم حمقى، يتركون كلتلك الوجاهة والمال من أجل أخطاء الطبيعة الكونية أو البشرية. وكانت زوجتي تشاركنيالضحك وتعلّق: بتهكم: بأن المسئول لدينا كائن خالد، لا ينتهي دوره قبل أن يتأكد من فناء الجميع.كنا نتشارك أنا وهي في جمعية سنقبضها بعد ستة أشهر، وأتفقنا على أن نقوم بنقل ابنتنا رغدإلى المدرسة التي تعمل بها أمها، وهل تصدق بأنني لم أوافق على المشاركةإلا بعد أن جعلتْ من رغد وسيطاً، فتلك الشيطانة الصغيرة، تدرك مدى حبي لهافقدأخذت تهوّل علي الأمور، بأن سائق الحالة يسرع ويخيفهم، وأن الطريق سيءوالمعلمات لا يعاملونها بشكل سيء، وأنها عندما تنتقل إلى مدرسة أمها سيحترمها الجميعلأنها ابنة الأستاذة رجاء، مما جعلني أوافق على مضض، مشترطاً على أمها دفع أجرة السيارةمن راتبها الذي لا يتجاوز الألفين وسبعمائة ريال.لماذا لماذا يا دكتور لم تسألنِ هل أنت سعيد؟ بدلا من تلك الأسئلة العقيمة؟على أنا سعيد جداً حتى النحيب، فحتى وإن لم تسأل، سأخبرك بأن فزوجتي وابنتي في الطريق لبلوغ امنياتهما ، والتيتم تأجيلها لي من أجلهما، فلا يعقل ألّا يلجا الجنة، وبلا حساب أيضاً. وأعتقد بأن رجاء ستتمنىأن تكون مديرة مدرسة في بيئة صحية وسيوهب لها ذلك هناك، أما رغد فقبل أن تفكر ستجد قطاراً آمناً يوصلهاإلى صديقاتها واللواتي قضين معها في الحادثبالمناسبة دكتور هل أنت سعيد؟
أبناء اللحظة: يؤمنون بالصلب إذا جاوزتهم الآنيّة، دون أن يقطفوا ثمارها
يرددون: الأمام وهْم
الوراء : الكمّاشة التي سرقت ذاكرتنا
نحن أبناء النبع، والكروم المعلقة كأمنيات ناضجة
نحن النقيضين: الموت على حواف الزمن،
والحياة التي جعلت للعقل عصابة
لماذا لا يغادر ذلك الشيء الصغير رأسي، أشعر أني في طور الابتذال إن لم يفعل، ولن يفعل.
الصوت
اللحظة الكامنة
بين أزيز الحرقة وزمهرير عرقك

الصوت
ضبابك الكثيف
والجسم الذي ترشّح عطراً

الصوت
تنهيدة النغم بن فصلين
وهدهدة الغياب بلا دخان

الصوت
وحي اللحظة
الذي يعيد خلقك كان لم تكن
من قلق الرجل الذي مسّتْهُ الأحلام:
أن تهجرك امرأة ولا تكف عن إرسال هداياها إليك حسب توقيتٍ ثابت، فذاك أكثر الأشياء إيذاءاً لذاكرتك
- هل تختلف الذائقة حول الأشياء الرديئة؟
- قد تفعل، إذا كان البناء مهترئ
- هل تختلف حول الأشياء العظيمة؟
- نعم، إذا كان النعاس طرفاً
هذه الحياة قصة قصيرة. ومع ذلك ما نزال نحقد ونحسد بعضنا البعض، نكذب كارتواءٍ بعد ظمأ. والخديعة سيرةٌ تدل الشامتين علينا، والظلم أفعى تتبختر فوق أكتافنا.كل هذه الآثام، وأكثر، مع كون الحياة قصيرة، وجِداً.!
كان يعلم بأن المأكولات التي يقدمها إليهم رديئة، حتى أن (كلاب السكك) كانت تأنف من تذوقها. وكلما وقف أمام المرآة يجد بأن حجمه في تضاؤل مستمر. ارتعب من فكرة اختفائه السريع. قصد بعض المحلات الرخيصة، وأخذ ما يلزمه، وجمعهم وشرع في الرقص على أنغام أغنية ( طبلولي .. طبلولي)
ربما كان يهرف عندما قال بأن رجل النص المضمر عند المرأة هو في الأصل كائنٌ حقيقي، فهي ليست كالرجل عندما يكتب عن أنثاه المتخيلة، والتي لن توجد في عالمه الحقيقي. مخيلِّة المرأة قادرة على خلق كل شيء، ما عدا رجلها الأوحد الذي لا تستطيع جعله يتمطى إلا من خلال حرفها. فالبيئة والتربية والمكان يحدّون من اتساع المخيلة لديها فيما يتعلق بهذا الأمر
هل الجريمة حقيقة أزلية لانعدام القيمة الأخلاقية؟
وماذا نعني بالقيمة الأخلاقية، في الوقت الذي أصبح التصنيف فيه يخضع لاعتبارات - أحياناً - لا تمت للأخلاق بصلة؟
سألتك من قبل: قل لي بربِّك أأنت حي؟
فلماذا تصحو إذا كان الوهم حقيقة الموتى؟
أمضينا عمراً نجتر الأحزان، وربما كناً نستجديها المجيئ. ألا نحتاج - فيما تبقى من عمرٍ - أن نرغمه على أن يٌساقط علينا فرحه؟
يعاتبه: لماذا أنت محبط وغاضب وحزين في الوقت الذي يعتبر وعيك غير مكتمل النصاب، ولا تعرف ماهي الحقوق التي لك ولا تلك التي عليك، وأكثر من ذلك: لا تعلم إن كان هناك من يكفل لك تحقيق ذلك دون استجداء أو صراخ؟
مما أوحى به إليه:
هذه الحياة في مجملها قائمة على المصلحة، حتى فيما يتعلق بأقرب لناس إليك، فإن لم يكن كلاكما، فأحدكما ولا يمكن لك أن تقنعني بما يخالف ذلك إذن: لماذا عندما يتم التصريح لهم بذلك يدّعون الغضب؟
حاولت أن ادرب حرفي على العبور، أردت أن يجتاز الكسل، ولكن الجبان أبى؛ اعتراه الوسن، فأخلد إلى الصمت.
تتحدث عن الحرية والكرامة وحقوق الإنسان هل جربت أن تسأل نفسك: ما الفعل الحقيقي الذي قدمته لأساعد في الحفاظ على كرامة هذا الإنسان: فقير، مظلوم، مريض إلى آخر القائمة؟
لا تكوني جميلة جداً؛ فقليل من الوجع يكفي
-أنت رجل أم ذكر؟
- أنا الاثنين
-أفصِح؟
- أنني عندما أكون رجلاً تصيبيني غشاوة فلا أراها، وعندما أكون ذكراً أرى - فقط - بعض الأشياء منها وأهتم لها، أعني الأشياء
المغيَّبون ذاتياً تؤذيهم الحقيقة؛ يفضِّلون السُّبات عليها. ليس للأمر علاقة بالخوف أو التعرية، قدر ما للغيبوبة الارادية لذة وسطوة تجعلهم لا يتوانون عن مهاجمتها وتكذيبها، أو حتى انتهاج أخف الضررين - كما يتوهمون - : الهروب والتظاهر بالعمى
إنه الكبرياء، لو تخلينا عن بعضه؛ لاستطعنا عبور الجسر، وعلى الأقل خطوتين أو أكثر
كيف لغير الأحرار والشجعان أن يدّعوا بأنهم صادقين
لا أعرف امرأةً جميلة كل اللواتي أعرفهن فاتنات
ليس للأمر علاقة بالحظ أو الغرورهو أمرٌ يتعلق بالموت
؛فقط أردت أن يكون هناك شيء يستحق التحسر على فقده عندما أرحل
انظر حولك، لتدرك بأن التفاؤل ليس بمجرد عود ثِقاب يشعل مهجتك برهةً وينطفئ على عجل، و قد يؤذي أصابع حلمك.إنه الحقيقة التي عليك أن تؤمن بها وتسلّم بأوجاعها كي تصِل جنتك
جربت إماطة الأذى عن قلبك، فإذا بي أنشر الخراب في كل الجهات
الفهم يعني إيقاظ الضمير النائم في الوقت والظرف الخطا
فلا أحب أن أفهم، وإن حدث ذلك، ناولتك مغلفاً يحوي أرتالاً من البلادة المضاعفة
حياةٌ أخرى، وامرأة أخرى، ورجل آخر، ومكان آخر
لماذا - دائما - هناك آخر يسرق اهتمامنا ويخطف ذاكرتنا؟
أكلُّ ذلك لأن الديمومة فعل استحالة لا يمكن بلوغه في الآنية؟
أم لأن التعدي فعل واجب للتخلص من رتابة الحياة؟
تستطيع أن تكون أكثر حقارة وسخفاً، ولو أوحيت لفمك لأضحى ( برميل من الدناءة)
تستطيع كل ذلك وأسفل منه، مع الذين تصافحك تفاهتهم، وتعلم بأنك لو أرسلت لسانك بكل ذلك، لما قسوت عليهم ولكنك لن تفعل، ليس لأنك أرفع منزلة، ولكن لأن هناك آخرون تحترمهم ولا تريد أن تؤذيهم منك تلك الأشياء النتنه
حين أيقن بأن موسم الجفاف سيودِع بعض الشقوق في حنجرته، ألقى بإنذاره الأخير على النافذة:
أنا لست جمعيةً خيرية، ولا أنتظر منك مغفرة الرب القادر؛ فعندما أهبك ما تريدين، فإني أنتظر المقابل، وأتحرّق لنيل الأشياء التي كنت أؤملها وحين لا يحدث ذلك،
فلا تعتقدي بأن الاستجداء الذي كان العتبة الثانية: عصفورَ صباحك الذي ينشد لك أشهى لحن حين تبزع ابتسامتك
كان سؤالاً شقياً، فلا أنت الذي يمتلك المفاتيح، ولا هو الذي ترك لك حرية التملص من تبعاته
ذاك التعليل الأكثر إرهاقاً لذاكرتك، تشيخ الأشجار المعمّرة، تحفر أخدوداً، تقضُّ جبلاً، تعبر الفلاة، والجواب يضنُّ بكفّه الصغيرة
أيها السؤال البحر اترك للحاضر رشفة، وجرب ابتلاع نصف ذاته، بل كل العمر الذي قطع صنبور ذاكرته وأوقفها على حواف استفهام جائر
كلنا واقفين على الباب نفسه، لم يطرقه أحد منا، ولسنا خائفين
كنا ننتظر اليد التي تخطف لهفتنا، وتلقي بنا وسط النبع، يفيض، ونرتوي
لم تمتد اليد، وما يزال الباب موصد
لا يشغلك إصلاح العالم، ولا تهم. ومع ذلك لا تكن طرفاً في إشاعة القبح وتبذير البشاعة
من قضى عمره بين أروقة الصمت، يصعب عليه البوح بجملةٍ دون أن يفضحه تعرّق أنفه البارد
على قدر (الدلاخة) والمصلحة والفهم القاصر والقراءة المحدودة والعاطفة يأتي (التطبيل)
نحتاج لأن ننظر إلى هذه الحياة على أنها شيء صغير، لا يجب أن نمنحها أكثر من حاجاتها الضرورية، وأن نحب أنفسنا، وأولئك الذين يهمهم أمرنا. أولئك الذين مهما أسرفنا في تقصيرنا، منحونا من الحب والاهتمام ما يجعلنا نثوب آيبين لا نرجو أعمق من رضاهم، أولئك الذين يستحقون أكثر من ذلك الذي هو أقصى ما تستطيع أن نهبه لهم
الإنسان الذي لم ينبت فجأة هو تلك المرأة التي تستجدي زكاة لا يتجاوز ثمنها علبتي سجائر، ولا تعوزها الجسارة حين يصبح المقابل شرفٌ لا يُخرِس فم الحاجة والجوع
هو ذلك الرجل الذي تعلّم النهيق؛ كي يحمل الأسفار على علم
لا أدّعي بأن صوت أحدهما قد تناهى إلى مسمعي، حين شرعت بتكرار كلمات غير عابئة بشيءٍ لفرط ما استعبدتها البلادة: الفقر ليس هو االقضية؛ بل الإنسان الذي جعل الفساد شريعة، والقلب الحجريَّ أصالةً، والجحود عنوان
عندما أكون أنا الذي يريد شيئاً من الأشياء، أراني أقل. وعندما لا يحدث ذلك، أغدو أعظم منهم، بل أعظم الأشياء.

مكرر

بما أن الموت ليس بغاية والحياة ليست منتهى،
يصبح التمرد فعل مقاوم للصعود بين الاثنين
فأنت لا تضمر الذهاب إلى الموت بإشعالك سيجارة،
بل أنت تعُبّ من الحياة على طريقتك التي قد تشير إلى دخولك في نفق الموت،
مع أنك تعلم ذلك، إلا أنك لا تنويه بالكيفية التي سرقك بها الطريق
هناك أشياء سيئة لا بد أن يتخلص منها، ولكي يفعل ذلك عليه أن يتخلص من أشياء أسوأ بكثير من تلك، وحتى يتحقق ما يريده: لا بد وأن يتحول إلى آخر غيره متفصل عنه، يعمل بطريقة (كن فيكون).وعليه فالحل الأنجع والمؤقت حالياً: أن يتخلص من الأفكار الإصلاحية التي ستتسبب في تعقيد الأمر، وقد تحيله إلى بقايا آثار ساعة رملية، ورجْعِ صدىً لصوتٍ ناشز
نكرر الكلام نفسه، إما لأنه لم يصل، أو أن لا شيء تغيّر، وربما لأن ما تساقط من همهمة العمر الماضي كان يحبو، والآن يعتقد بقدرته على المشي، ولا يضيره إن كبا
في هذا العالم السيء لا شيء يقيك من انهيار حتمي أو صدمة تدمّر معاقلك النفسية كالحب
أن تتعلم كيف تحب الآخر
والآخر هو ذلك الإنسان الذي يشبهك، ولم يؤذيك
ماذا لو سجنتُ صوتك، حتى ينام شوقي. وتتخلص ذاكرتي - المؤقتة - من وعثاء تنهيدتك، ضحكتك، وحتى أشيائك المكومة داخلها؟سبق وقلت: بأن التكرار فعلُ تجديدٍ فاشل، ولكن معكِ، أصبح وجعاً لا يفتر، لا يرعوي عن مدّ اصبعه في عيني.أيتها الحزن المضاعف: ماذا لو مشِّطتِ - بانتظارك لعُمرٍ واحد- ما تبقى من جدائل نبعنا الذي جففته سذاجة الصدق؟بل ماذا لو أنني تركت نافذة الرضى مشرعة لكل النسائم، ولم أخبركِ بأن هناك وادياً آخر أرغمتني الذئاب على عبوره؟أيها الخوف المقيم تمطى، فعن اليمين هجير، والزمهرير موعدنا.
لا أدري إن كانت الشجاعة قدرتك على نسيان أكثر الأشياء التصاقاً بقلبك، أم في محاولاتك للتصبُّر على فقدها।ومع ذلك أعتقد أن استمرارك في تمثيل دور الحي بكل ذلك الإتقان، لا يعدو أن يكون استبسالاً في معركتك ضد الزمن.
أشعرتكِ بأني متُّ فيكِ
فلم لفظتني كأبناء الحرام، وأوحيتِ: يا سعير هيتَ لك
قلتِ: سأموت قبلك
فلماذا هيأتِ لي التابوت، ونشرتِ النعي، وآذنوا بالصلاة علي؟!
كان يجب على البليد الحذر من تجرع الكأس ذاته، الذي غطّس فيه الوجه الكالح للحياة، فقلبه المتصحِّر الذي لم يؤذهِ - كثيراً - موت أقرب أصدقائه، تفتته لفظة الرحيل المشؤومة
تناسى بأن الوعود ليست بأكثر من تذكرة حجزٍ مؤقت لغيمةٍ شاردة، تسقي الحرث قدر رغبتها، وتترك للريح حرية دفعها لحرثٍ، آخر، ربما يكون مثله
لا تبكِ يا قلبه، فإذا كان الموت هو القدر المحتوم، فالغياب هروبٌ عبثي يتحايل على القدر
أيها المارون في الذاكرة
خبئوا بذور طيبتكم
بقي الكثير من الشر
ويبعثه الآتون

أيها الراحل في الآنية
صفِّد أحلامك
ستهزمك امرأةٌ
ويكنسك الغاوون
كانت تصلي كي يسقط كالقذى من عينيها، لذلك أصرَّتْ على حشو ذاكرتها بكل أشيائه السيئة
كان يشتغل نفسه بالقراءة؛ كي لا يؤزُّه وجيب الأمور التافهة التي تتسبب في نزِّ جرح تعاسة الآخرين
قرأ ليشفى، فازداد مرضاً زاد من جرعة التركيز، وأخذ يعيد قراءة السطر، ويتمعن في كل كلمة، يبكي مع مقطع حزين، يفغر فاه مدهوشة من معنىً جديد، يبتسم لحكمة ويكررها، ينتقد رأياً
في منتصف الكتاب اعترته حمى، غاب عن الوعي، عندما أفاق وجد نفسه وقد تبخر قبل أن ينتهي منه بنصف فصل وبذاكرة تعلن العصيان بوقاحةٍ أعيت معها كل السبل للتعرف عليه
استسلم، وأكثر من ذلك غمره شعور بالرضى। انسَلَّ من بين أزقة نصف الفصل المتبقي، واضطجع في مقبرة الراوي
يا ملاكي ॥
صوتك فما ظمئت بعده أبداً
يا ترى ماذا كان سيحدث لي لو توضأت بنور وجهك؟
كعرائش العنت ظللتني، فما عدت أحتمي من وهجٍ، وما مسّني الجوع
غمّستني سلسبيلاً طهوراً، واستوثقت من أني آمنٌ، فلم أعد أخشى ارتكاب أفدح الأخطاء
معكِ يغدو الجحيم خرافة، والجنة مزاري كل حين
ما جدوى محاولتك نسيان أشياء تأبى ذاكرتك محوها، بل إنها تتعمد أن تبقيها مصلوبة أمامك؟
أليس من الأفضل أن تنُهكها بالتكرار، علّها تختلط، وقد تصبح أشياء أخرى لا يضيرك تذكرها؟
اطفئ قنديلك، فالشمس شاخصة، والأرق يتسور جدرانك
لا أحد منهم يريد أن يظل حبيس أرقِه، لذلك هم يؤجلون مواعيد شقائهم
حين أدرك بأن ظله أتى على جميع معالم طريقه الشاق، اطمان تحسس ملامحه فاغتبط، فوجهه لم يعد يتقشعر أرخى أكمامه، وعالج ضمميره بكلمات، لا يعرف كيف تناسلت من بين شفتيه:
الجنة لا تحتفي بالفقراء، وليس من الفطنة اعتقاد ذلك إنها تشفق عليهم من ثورة الجحيم الذي ييتقلبون فيه وكل الذي تفعله لا يعدو أن يكون محاولة لرفع سقف أحلامهم وأمنياتهم إنها تُعدّهم لحياة على قدر أحجامهم
مما أسَرَّ به رجل الظِل:
لسناً أحراراً والخيارات ليست رهن أقدامنا، لأن أحفاد الخوف قَسَرَهم الظلم وجعلهم يسيرون منكّسي رؤوسهم
والسراب بقعة الريبة التي ذكّت شرارة الشك في نفوسهم
وأما الإيمان فلا يعدو أن يكون صورةً على جدارٍ منسي، لم تستوقفهم ولا هم الذين استودعوها ذاكرتهم
في الزمانات الماضية عندما كان البعض يكتب أشياء عميقة ومبتكرة وجميلة، كان هناك من ينغمس ويتفاعل ويقرأ ويدرك ويفهم وينقد. أما الآن فاكتب أي شيء، فستجد من يتفاعل بدون كل الأشياء الأخرى المذكورة
إذا كانت العزلة عقلُ يدور في الجحيم، فليس حتماً بأن الخروج منها نعيم الجاهل

وكم من مُعلِنٍ شيئاً يريدُ // به الحُسنى، ولكن لا يُفيدُ
أتعرف جارك؟
لا أظن ذلك؛
فأنت لا تذكر متى كانت آخر مرة قمت فيها بالتواصل مع أقاربك


مات صديقك أعلم بأن ذلك لا يعنيك؛
فأنت مشغولٌ عنه بتوسيع دائرة نفاقك
ثلة من المخادعين ساقتهم نواياهم صوب البحر
ظنوا بأن حاوياتهم قادرة على تجفيفه
وقبل أن يبتلعوا ريقهم، كان قد التهمهم
ما معنى أن تنتظر؟
يعني أن نضطجع خلف شاشتك، وتلوك الآخرين بلسانك ، وتمضغ من التاريخ ما شئت، وتزدرد - على غير علم - جميع التنظيرات في منتصف الحلم.معنى ذلك أن يشج الوهم ضميرك فيخايل إليك بأنك صعدت هامة الجبل ورفعت يدك تنهئ الكون بإنجازاتك التي لن تتحقق
نحن الذين نؤيد حرية الآخرين، وننادي بكرامتهم،
ونشجب الديكتاتوريات، ونحارب ,
ليس هذا فقط، الأعظم من ذلك أننا نحن ذاتنا الذين نحتقر الفقير،
ونسخر من المعاق، ونزدري ,
نسيت أن أخبرك بأننا جسّدنا معنى النسيان،
عندنا نسينا بأن هناك إنسان بداخلنا؛ فنحن في بداية نشأتنا قمنا بقمعه،
وكي لا ينبس بشيء أخطنا فمه،
وقبل أن يفكر بالمشي أصبناه بالشلل،
وحتى لا يشير إلينا باصبع لوم، قطعنا ,
نحن من خلطنا بين الكبر والكبرياء،
ذكّينا شرارة الأول
وأما الآخر فقد وطأنا عليه ,
أتعلم بأن التناقض يُقسِم بأنه لم يعرِّهِ أحدٌ قبلنا؟
بعد هذا: ألسنا بأمةٍ عظيمة؟
مما رواه الشيخ في المنام:
إن الحكومة عائلية، والشعب عائلي، وكلهم يُعال ويعول؛ فالشيء الطبيعي، أن أي قرارٍ شخصيٍ أو عام؛ فلا بد أن تكون العائلة هي المرجع الاستشاري، في حالة، والمقرِّر في أغلب الأحوال. ومهما ادعى الشعب قدرته على التفكك والسير بشكل فردي يؤدي إلى التمازج الجمعي يؤدي، فذاك ليس إلا بعضاً من توهُّمِه، فسوف تُخضِعه الحقيقة الغير قابلة للتحايل، وهي أن هداه ليس إلا طريقَ العائلة المستقيم، كما تم إفطامه.
أريد ان أعمل شيئاً غير كل ذلك النباح الذي كنت اجترره لعقود. ليتني أشعر بأنني إنسان.جفف العرق بتمرير باطن كفه على جبينه، وأخذت عيناه تذرع الخلاء، وإذا بفأس الخوف يجُزُّ ظهر أمنيته. تسارعت أنفاسه، وجِلَ من عَدْوِ دقات قلبه،فشرع في النباح.
تقول أنا إنسانُ عادي. أنت إنسان تافه، كما أظن أنه بدى لإيكو في أحد أعماله حينما قال: ( الناس العاديون يبدون تافهين).
أنت تافه لأنك لو لم تكن كذلك: لما ظمئت، ولا غرِقت.
ألست زائداً عن الحاجة؟ بلى، فلو لم تكن كذلك لما بقيت عاطلاً عن العمل ومتمسكاً بجذوة أمل لن تشتعل وأنت في قلب بحر لا يحفل بك.
أنت كذلك لأن هناك من يجزم بكونك ساذج، ولا مفر من أن تظل تحت الوصاية حتى وإن بلغت من العمر عتيا.
أنت لاشيء، لأنك كخشاش الأرض، حينما ترفع رأسك ستطؤك الأقدام بلا شفقة.
من مذكرات عبد نافق، عفواً أعني ناقم:

حريةٌ يكون فيها الإنسان البسيط، إنسان الشوارع الخلفية، مجرد جرعة حنين.
حريةٌ بلا أهداف سامية ولا خطط تنمية بشرية؛
ليست إلا ثارات (بلشفية)، وانتحار جماعي.
إنها شهوة المنتصف، وربما عبودية هوىً متأخرة.
لو أخبروك بأنك حر، ماذا ستفعل بحريتك تلك؟
أم أنه هواءٌ تود لو تستنشقه فقط؟
ما سيفعل ثور الساقية بحريته؟
ألا يقلقه انعدام جدوى تحرره، وهو الذي تصلّب عقله وتضخمت أعباؤه النفسية؟

تونس

هتف الجميع: قُم أيها الإنسان، وإلا فنَمْ أبدا.
نفض اليأس، وركل الذل، وفتح صدره للموت،
علّمهم معنى أن يكونوا - هم - القدَر
يد الجوع والقهر أشد فتكاً من المفاعلات النووية والأمراض الخبيثة
إنها أمة من الضواري تلتهم كل من يعترض طريقها
يد الجوع إنسان أججه القهر، فآثر الحياة على موت حقير في زاوية منسية
نحن زمرة من الأوغاد، نرتكب أبشع الحماقات في الظل، والنهار يكشف موضع السجود المعتق في جباهنا.
هم مكتئبون وحزانى الآن. هم ليسوا مخطئين، وإني لا أشبههم؛ فلا يجدر بي أن أرهق نفسي بالتفكير فيما أملكه الآن،أعني الآنيَّة التي توهّموا لأواءها.
ما يقلقني هو ذلك الذي أجهله، وما الذي استطيع فعله فيه للآخرين ولي، ذلك المستقبل الذي يعِدُنا بالجفاف، ويدسُّ لنا الجريمة في الطرقات، ويحذرنا من الفقر وشح المياه، ويزرع فينا الخوف من أمراض مجهولة تنهب صِغارنا.
ما أخشاه هو ذلك المستقبل الذي لا يخجل من التصريح بموت الإنسان الحقيقي
أخبرتك بأن قلوبنا شتى، وأن ما تراه لا يعدو ان يكون مجرد احتمال قد تصده الريح وينفر منه طير، وقد تانس له وحوٌش ضارية، وعلى سبيل المثال:
أنت في هذه الساعة تريد نوراً خافتاً وتهيئ نفسك لمشاهدة فيلم ممتع، وربما سَمرة برفقة المقربين إلى مزاجك، أو كتابٍ يونس وحدتك. أما أنا فممتلئ بصوت قبيح وإيقاع راقص والكثير من الازعاج الممقوت عندك.
قلتِ لغتي عميقة.
بربك إذن كيف أنجبتِ لي كل هذا الفرح، وعلّمتِ قلبي ألّا يخشى الطيران بلا جناحين، وجعلت شجرة الإنسان في داخلي تونِع أزكى الثمار
تزيّف قدرك عندما تنتظر من الآخر أن يرشدك إلى الصواب، وأنت الذي يتردد في وضع قدمه على العتبة التالية خشية أن تعود حسيراً من أمنيتك اليتيمة.
لو كنت تدرك بأن الآخر قدرٌ مغاير ومؤجل، لربما جعلت منه عتبتك الأولى
- ماذا يشغلك؟
- قوت يومي.
- وأحداث هذا العالم؟
- موزّعةٌ ما بين قلب يخشع ويمور، ينكفئ بأبسط الإيمان، ويستطيل بكفٍ قصيرٍ يمتد حيثما يستطيع ويقدر.
- وأين أنت من ضباب هذا العالم وأحواله المتأججة؟
- أظنني اكتفيت بذاكرة تمخر عباب التاريخ، ومخيلة تُفتِّق كروم المستحيل.
أطعمني بعضاً من الموسيقى
فأنا أحتاج لأن أحزن،
لأن أحلم بأشياء صغيرة.
أحتاج لأن أبكي على شيء لا أعرفه
وألوم وطناً أحبه وأجهل تفاصيله.
أطعمني معزوفة توقظ الحنين
وتغزل لي بيتاً من الشعر
تصنع لي كوخاً على الشاطئ البعيد
وتُلبس الشجر العاري أوراقاً تجيد خلق الظِّل لكي أنام
الأفكار المثالية لا تصنع إنساناً كاملاً ولا تبني وطناً.
ما قيمة إنسانيتنا إن كنا بلا أخطاء؛ شريطة ألّا نؤذي الآخرين
لو كنت تعرف مقاس ذاكرتي لما عوّلت عليها، فلماذا ورهنت أنفّسَ أشياءك وأودعتها قِربة مشقوقة تظن بأنها ستحتفظ لك بها لليوم المشهود؟
الرجل البسيط يهذي:
حكايات هذا العالم أتفه من مسراتي، وأغرب من كل الاحتمالات التي وضعتها لتفسير الجزء الذي يهمني فيه.
أحتاج لشيء يسرقني مني، فأنا تعبت معي، وكاد اليأس يأتي على منطق الأشياء.
ما يزال مِرجل رأسي يغلي، والغبار يزاحم الأفكار.
أيها الفقراء أديروا لهذا العالم البائس ظهوركم، أو ابحثوا عمّن يسرقكم ولو لليلة
يا أيها الشتاء: أيُّ ثعلبٍ علّمك فن المراوغة
وأي مشفى ذاك الذي أبرم معك عقداً جعلك ترغمنا على زيارته؟
بالأمس أرتدينا كل مافي خزائننا من ملابس شتوية، واليوم نكاد نخرج من منازلنا عراة
لستَ في حاجة إلى من يكنس الصوت القديم من ذاكرتك،
ولا إلى من ينفخ الروح في حاضرك.
كل ما أعتقده أنك في حاجة إلى من يعلمك الرقص
نحن بسطاء في أحلامنا، ليس لأن الأشياء الكبيرة تولد من حلم صغير، لا، ولكن لأننا نريد أن ندرّب مخيلتنا فتتسع لتحوي الكون بأكمله، ولأننا نود أن نحيا أطول وقت بين دفتي حلم
نصحه الكهل الذي زاره في الحلم:
إنك لن تبعث أحداً من مرقده، فلا تجفف ريقك بحديث يقع على أصنام، اختارت العمى طواعيةً على أن تقوم بواجباتها تجاه الكائنات البسيطة والمهمشة.
إن أولئك البسطاء لا يعلّقون آمالهم عليهم. يعلمون بأنهم لو فعلوا لخطفهم الموت قبل أن تبتل عروقهم.
يا بني ابدأ أنت، وساعد من استطعت منهم، كن أنت الشعلة ولا تنتظر الموتى.

حينما استيقظ وجد أعضاءه تؤزّه على التبرع بهم
ربما لو كنت قبل ألف عام، لصنعتَ فُلكاً، وتركت البحر يختار لك الشاطئ والنهاية.
ولكنك الآن، حيث لا بد أن تختار.
فهناك من لن يتوانى عن رسم قدرك، وتفصيل خياراتك على مقاس فكره، وكما يشاء أو يتمنى.
وأنفِرُ من ظِلِّك؛
فلا يلبسني السُّهدُ
أو يفتتني الأسى
إذا كنت خشى الأسئلة التي ترى؛
فلماذا تركت القبوَ وأشحتَ بقلبك عن العمى؟
في البدايات خدّره الحظ
بعد أن وضع الغد في (الهندول).
استوت الأشياء،
فأكل الشك نصف رأسه
أما اليقين فقد جزَّ عنق ما بقي منه
أنا يا وطني لستُ معوّقاً،
مع كوني لدي احتياجات خاصة
فلماذا أتأتئ بالكلام
وأشعر بأني فيك يلازمني الشلل؟
علينا أن نكذب أكثر كي نماطل غدوَّ الحياة ونستثير رواحها، بعد أن جرَّعتنا مرارة الصدق
وأرتاب،
ليس كما يخيّل لأحدهم؛ أرتاب لأثير حفيظة الكلام
والليل لا يسعفني.
يمرق الحديث من سَحَري كما برَقَ طيفٌ لذكرى حميمية، وبددته صفعة ضميرٍ مشاكس على شاكلة شرطي مرور يستوقفك بغتة ليسألك عن أوراقك التي نسيتها في غمرة استعجالك للحاق بموعد خروج والدك من المصلى.
هي الكتابة تتبغدد، تسرف في مجيئها أنّى شاءت، وتتمنع كأنثى مشتهاة بعد شهر صبر ممض، أو كالسراب ترجوه ويمعن في الهروب
إذا لم تكن تملك خياراً حاسماً، فاتبع أحد الخيارين:
إما أن تنتهِ أو تنتهي
وحده الليل علَّمني كيف أنثر ذاكرتي بأكملها،
لأجمع - فقط - حبيبات النسيان؛
زكاةً عن كل السيئات التي ارتكبتها
دون أن يطرف جفنٌ لضميري
الذي لا يدري، لا يشعر، لا يرفق بدمعة سلخت ظهره
لا يؤذيه وجع العالم قدر ما تؤذيه كلمة أحبك
ينكر الأشوق يحرقها كصمت البلابل
يصم قلبه عن الجزع الأخير وكأنه لم يكن
كخاشعٍ وجِلٌ تجتازه الفتنة ولا يعيرها انتباهاً
ذاك الذي لا يعلم يسرف في الغياب
كطالبٍ للموت أضنته فواجع الحياة
لو صدق الإبهام؛
فكل ما هنا يفسر معنىً للموت المبكر:
تلك السبَّابة مهمومة
والأوسط يتناسل قلقه
أما الخنصر أعطبه الخوف
أبدى امتعاضه من المسافة الصلدة بين الواقع والخيال.
يرى أنها أشد تعقيداً حين يتداعى الجسر في واقعه، قبل أن يرتد إليه طرفه،
مع كون الوتد في مخيلته أصلب وأكثر حنكة.
خلَصَ إلى أن الواقع في حقيقته ليس إلا زقاقاً قذراً بين قصتين،
كلتاهما تنتهي بشكل مزري.
وأن أسلم أقداره: السقوط في هاوية الخيال التي بلا قرار
أحب الحياة لأنني لا أعرف ماذا ينتظروني هناك،
ولم أصل حد الاكتفاء،
ولأنني أخاف
لماذا هاتفك مغلق؟
- لأعُبَّ من الحياة، وكي يصير الحلم حراً
الناس يغضبون منك عندما تطأ بلسانك القذر على طرف أوجاعهم
وهم ذاتهم يفعلون ذلك معك عندما يلمحون منك ما يشبه سوءاتهم
لا يتوانون عن البصق على كل أوجاعك ليداروا نطفةً منها علِقت بقدمك
أو ليتنصلوا من وحمة شاهدوها على رقبتك
أو حتى ليتخففوا من حملٍ أثقل كاهلهم ولو كان على سبيل هش قمامة تقيأتها مع أنهم في الحقيقة كانوا يعيشون دور المرمى.!
ما السر في كونك تحتمل قتل أحدهم لك كل يوم؟ ألهذا الحد الحياة بغيضة، أم أنك تدرك مدى لأوائها، فتحضّر نفسك لموت أعظم؟
ربما تكون الأمور السيئة التي حدثت، أوالتي تقع بشكل عرضي دائما، هي ذاتها الأمور التي نتمنى حصولها ولو بدافع التشفي، أو التجربة، وربما التغيير.
الحياة ليست سيئة في مجملها، ولا الموت كذلك.
ما ينتج عن الأولى ويؤدي إلى الآخر: هو في حقيقته السوء المحض الذي أضمرناه في لحظة قهر أو يأس، وتمنينا وقوعه للانتقام من حياةٍ ما كي نوجِد شكل الحياة التي نريد لها أن تكون.
نسيتُ وديعة دسستها في صدرك
زفرتِها،
احترقْت،
فمات شيء
إليه حين يزمُّ الليل شفتيه ويلفحني الصدى
وأرتخي
ودوائر الدخان تشي بنا
والغياب يفتت النوى.
يضطرم عِرق
وتلبسني أناك
فلا أتوه.
يردمني الهجير
ولا أغيب
ولا أغيب
ولا أغيب.
يشدني إليه ..
وعند ابتدار الصبح ينتهي
العابر الذي أطلَّ برأسه أشهراً،
أهمل المفتاح الأخير فوق طاولة يؤمها الأشباح.
ما عاد ينقر رأسه القلق،
وليس بمُجدٍ انتظار سراب كوخ البحيرة
فالسماء في الأعلى
والأمام وهْم
كثيراً ما أفكر كيف ستنتهي حياة الرجل الذي لم يعبأ بها.
أنهيت كوخ العم توم ودمعة تسبقني، لا أعلم لماذا فعلَتْ ذلك.
ولجت إلى رأيت رام الله، فاختنقتُ في بداياتها.
هل سيموت ذلك الرجل ودمعة تطفر فوق خده أم سيتسبب في اختناق آخرين أدركوا - متأخرين - سخافة الحياة التي غذّوا السير في لحاق ما سيتركونه خلفهم يشمت من لهاثهم المتتابع؟


أخبرني بأنه لا يريد أن يموت مبكراً، وأخبرته بأنه لو حدث ذلك ورحل، فهذا أكبر دليل على سخافة الحياة التي نعيشها.!
ما الذي يجعلك تتمسك بالحياة بكل هذه القوة
حتى أن الموت الذي جاءك مفنداً أسبابه، غافلته وتركته يمور وهو يفتش عمن يأخذه غيرك؟
ألهذا الحد تستحق الحياة أن تتمدد فيها كثعبان في الرمل*؟ أم أن الموت - ذاته - استاء لخطف رجلٍ مثلك؟
أم ماذا؟
ماذا؟
نكتب لنعلم الآخرين بأننا أحياء، وأن شجرة الأمل ماتزال واقفة،
حتى وإن اعتقدوا بأننا متنا قبل يومنا ..
ليس إلا
الماضي يعشش في ذاكرة الرفاق؛ لأن الحاضر البليد سلق أعمارهم على صفيحة، وألقمهم للضباع الشاردة



لو أدركت بأنك حياةً؛
لما أحببتك.
فانتهائي يعني:
أن لا خلود لي معكِ