وطن ينمو خارج العادة


الحسنة الوحيدة التي أنجبتها بريئة من كل الخطايا ، أظن بأن الحياة كانت عادلة معنا. آخر يوم ركلتني فيه الكآبة خارج المنزل كنتِ تستبدلين صرخة أمك الغاضبة بصرخة استقبال الحياة لكِ بوجه مكفهر.
أمك وطن حزين انتهك كرامته مستعمر دنيء ، وكان لابد له أن يتحرر.
كنتُ أفصّل لها الحياة كما تملي عليَّ مزاجيتي، وقائمة الممنوعات
تفوق احتمال معتقل في قضية أمنية، ومع ذلك كانت ترضخ من أجلكِ،
أو ربما كانت تعقد آمالها على هداية غيبية تصب في خلَد رجلها الذي تعطلت آمالها فيه.
وعندما أيقنَت بوجود ختم لا يمكن تغييره، أوكلَتْ محامياً وخلعتني كحذاء قديم.
غضبتُ كثيراً، وكدت أرتكب جناية في حقها، فقررت تشويه وجهها الجميل،
وضعَتْكِ في وجهي كآخر صفعة أيقظت ما بقي من رجولتي التي مازلت أعتقد بوجودها.
كان يجب أن أحمل كل سيئاتي وأرحل حتى لا ينالك شيء منها.
تشبهينها يا صغيرتي حتى في هدوئك القاتل، فلا شيء مني أودعته إياكِ،
الأمر الذي يجعلني أشكك في أبوّتي لك،
فمن يصدق بأن هذا الملاك الجميل خطيئة رجل بشع، يسيل القبح من كل مسامه التنتة .
كنت أتلصص عليك كالخفافيش، وأتسلق الجدار في أوائل السحر لأتطهر برؤيتك،
أنا ذاته الرجل الذي أرهق هاتف منزلكم، فتارة أسمع بكاءك، وأشتُم أمك في صمت،
وتارة أخرى أسمع ضحكاتك فأهتز طرباً وأشرع في تقليدك، وكثيراً ما كان الصمت ينهك صبري حين لا يكون صوتك قريباً من سماعة الهاتف .
عندما طلبت أمك مني بأن أنهي إجراءات ولادتك، فكرت في أن أنسبك إلى رجل آخر خشية افتضاحك بي .
أمك سيدة جميلة جدا، الكثير منها يغنيك لتصبحي وطناً عظيماً،
أما قدرك الذي كتبني أباً لك بيدك تغييره، فالحذاء الذي ألبستك إياه أمك ، يجب أن يكون كفارة طريقك إلى النعيم بعيداً عن التاريخ المشبوه لأبيك،
فاعبري به طريق أمنياتك فوق متني كأول عقوق تؤجرين عليه.!


هناك تعليقان (2):

Pearl lake يقول...

رائعة الطريقة التي عرضت بها شعور الرجل و حللت تصرفاته البائسة ..

تحياتي

عبدالإله الأنصاري يقول...

شكرا لك
وممتن لحضورك

إرسال تعليق