طي الغد



الأعلى ليس هو
المكان المناسب دائما.
صرخ بها وألقى بجسده من الدورالسابع وسط ذهول رفاقه.
مهند كان هو الوحيد الذي يعلم بأن ذلك سيحدث في يوم ما، فهو يعرف صديقه جيدأ، ويعلم بأن السماء لا تحتفي بالأوغاد كل حين.
قبل ساعة السقوط الأخير بيوم كان لا يفتأ يشتم الحظ ويلعن الطبقية ويزدري القبيلة, وأكثر من ذلك كان يشك في عدل السماء :
- الرب الذي أوجدنا ألم يجد غيري من بينكم ليصب عليه سخطه فيضعه في هذه المنزلة الحقيرة.
- دعك من هذا . الطريق التي نسلكها تتكرركمفردات طفل يتعلم الكلام، وأحيانا كالبيت الموقوف بلا وجه حق .. ذلك الذي لا يدر عليك مالا، أو كالأرض البور التي لا أنت تخلصت منها ولا هي أطعمتك.

كان مهند يعلم بأن هذه الأفكار التي تخاتله ستأتي عليه، و على أقل تقدير ستذهب بعقله.
فجوة شاسعة بينه وبين واقعه. الأحلام البعيدة المدى .. براكين تصيب حممها أقرب الناس إليه. لايتوانى عن توزيع الشتائم بدءاً من أطفاله الصغار متجاوزاً الوطن وحتى أبواب السماء.

وجده يوماً جالساً أمام باب بيتهم يعبث بالتراب. عندما رآه مقبلا عليه بادره بالقول:
- ألسنا كلنا من تراب، ومع ذلك التِّبر يعلن براءته منا، بل هناك من أصبح إلهاً والتعريض به طريق البسطاء إلى الجحيم.
- لن تغير العالم يا صديقي والناس مراتب. ربك يهب من يشاء ويختبر صبر من شاء.
- والتقوى التي هي مقياس التفرقة يامهند.
- تلك القلوب وليست السحنات.
- وددت لو أنني ( جرّافة ) لأساوي التراب بالتراب.
- أما أنا فأود لو أنك إنسان وتتناسى ذلك الحقد والغل الذي يعتمل فيك حتى يكاد أن يفتك بك.
- تعني أن أستسلم للعراء وأنساق مع البسطاء تحملنا الريح حيثما شاءت ونظل نسبح ونشكر بحمد المنّان.
- أعني ألّا تتأسى لماضٍ وتعجّل بالسير لتدرك حاضرك وتنشئ مستقبلك.
- أعدك بأنني سأطوي المسافة وأدرك ما بعد المستقبل.

هناك تعليقان (2):

محمد فيروز الكمالي يقول...

مدونة أدبية رائعة
أتمنى لك التوفيق
وشكراً على هذه المادة الدسمة من الخواطر


محمد الكمالي

عبدالإله الأنصاري يقول...

أهلا بك يا أبا مشعل
شكراً لإطرائك
وسعيد بمتابعتك

امتنان.

إرسال تعليق